قول سيد قطب بعقيدة وحده الوجود والحلول والجبر
... يقول سيد قطب في تفسير قول الله تعالى: { هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } (الحديد: 3.): "وما يكاد يفيق من تصور هذه الحقيقة الضخمة، التي تملأ الكيان البشري وتفيض، حتى تطالعه حقيقة أخرى لعلها أضخم وأقوى، حقيقة أن لا كينونة لشيء في هذا الوجود على الحقيقة، فالكينونة الواحدة الحقيقية هي لله وحده سبحانه، ومن ثم فهي محيطة بكل شيء، عليمة بكل شيء، فإذا استقرت هذه الحقيقة الكبرى في القلب؛ فما احتفاله بشيء في هذا الكون غير الله سبحانه؟! وكل شيء لا حقيقة له ولا وجود، حتى ذلك القلب ذاته، إلا ما يستمده من تلك الحقيقة الكبرى، وكل شيء وهم ذاهب، حيث لا يكون ولا يبقى إلا الله، المتفرد بكل مقومات الكينونة والبقاء، وإن استقرار هذه الحقيقة في قلب ليحيله قطعة من هذه الحقيقة، فأما قبل أن يصل إلى هذا الاستقرار؛ فإن هذه الآية القرآنية حسبه ليعيش تدبرها وتصور مدلولها، ومحاولة الوصول إلى هذا المدلول الواحد وكفى.
... ولقد أخذ المتصوفة بهذه الحقيقة الأساسية الكبرى، وهاموا بها وفيها، وسلكوا إليها مسالك شتى، بعضهم قال: إنه يرى الله في كل شيء في الوجود، وبعضهم قال: إنه رأى الله من وراء كل شيء في الوجود، وبعضهم قال: إنه رأى الله فلم ير شيئاً غيره في الوجود، وكلها أقوال تشير إلى الحقيقة، إذا تجاوزنا عن ظاهر الألفاظ القاصرة في هذا المجال؛ إلا أن ما يؤخذ عليهم على وجه الإجمال هو أنهم أهملوا الحياة بهذا التصور.
... والإسلام في توازنه المطلق يريد من القلب البشري أن يدرك هذه الحقيقة ويعيش بها ولها، بينما هو يقوم بالخلافة في الأرض بكل مقتضيات الخلافة من احتفال وعناية وجهاد وجهد؛ لتحقيق منهج الله في الأرض، باعتبار هذا كله ثمرة لتصور تلك الحقيقة تصوراً متزناً، متناسقاً مع فطرة الإنسان وفطرة الكون كما خلقهما الله"( "في ظلال القرآن" (6/3479 - 3480).
تعليق: وهكذا يقرر سيد قطب وحدة الوجود والحلول، وينسبهما إلى أهلهما الصوفية الضالة في سياق المدح، ويدعو إلى ذلك بقوله: "والإسلام في توازنه المطلق يريد من القلب البشري أن يدرك هذه الحقيقة ويعيش بها ولها"!!.
ويقول سيد قطب في تفسير سورة الإخلاص:
... "إنها أحدية الوجود، فليس هناك حقيقة إلا حقيقته، وليس هناك وجود حقيقي إلا وجوده، وكل موجود آخر؛ فإنما يستمد وجوده من ذلك الوجود الحقيقي، ويستمد حقيقته من تلك الحقيقة الذاتية، وهي من ثم أحدية الفاعلية، فليس سواه فاعلاً لشيء أو فاعلاً في شيء في هذا الوجود أصلاً، وهذه عقيدة في الضمير، وتفسير للوجود أيضاً.
فإذا استقر هذا التفسير، ووضح هذا التصور؛ خلص القلب في كل غاشية ومن كل شائبة ومن كل تعلق بغير هذه الذات الواحدة المتفردة بحقيقة الوجود وحقيقة الفاعلية، خلص من التعلق بشيء من اشياء هذا الوجود، إن لم يخلص من الشعور بوجود شيء من الأشياء أصلاً؛ فلا حقيقة لوجود إلا ذلك الوجود الإلهي، ولا حقيقة لفاعلية إلا فاعلية الإرادة الإلهية؛ فعلام يتعلق القلب بما لا حقيقة لوجوده ولا لفاعليته؟!.
... ومتى استقر هذا التصور الذي لا يرى في الوجود إلا حقيقة الله؛ فستصحبه رؤية هذه الحقيقة في كل وجود آخر انبثق عنها، وهذه درجة يرى فيها القلب يد الله في كل شيء يراه، ووراءها الدرجة التي لا يرى فيها شيئاً في الكون إلا الله؛ لأنه لا حقيقة هناك يراها إلا حقيقة الله.
... كذلك ستصحبه نفي فاعلية الأسباب، ورد كل شيء وكل حدث وكل حركة إلى السبب الأول الذي منه صدرت، وبه تأثرت، وهذه هي الحقيقة التي عني القرآن عناية كبيرة بتقريرها في التصور الإيماني، ومن ثم كان ينحي الأسباب الظاهرة دائماً، ويصل الأمور مباشرة بمشيئة الله: { وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى } (الأنفال: 17.
{ وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ } الإنسان: 30 ("في ظلال القرآن" (4/2482)) { وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ } وغيرها كثير.
... وبتنحية الأسباب الظاهرة كلها، ورد الأمر إلى مشيئة الله وحدها، تنسكب في القلب الطمأنينة، ويعرف المتجه الوحيد الذي يطلب عنده ما يرغب، ويتقي عنده مايرهب، ويسكن تجاه الفواعل والمؤثرات والأسباب الظاهرة التي لا حقيقة لها ولا وجود"("في ظلال القرآن" (6/4002 - 4003).
قال سيد قطب في تفسيره لسورة الأنبياء عند تفسيره آية: { فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ } (. الأنبياء: 22)؛ قال:
... "وهم يصفونه بأنه له شركاء، تنزه الله المتعالي المسيطر رب العرش، والعرش رمز الملك والسيطرة والاستعلاء"("في ظلال القرآن" (4/2374).
تعليق: وهذا بخلاف ما دل عليه الكتاب والسنة، وآمن به المسلمون، من أن العرش أعظم مخلوقات الله العلوية، وأنه فوق السماوات وفوق الفردوس الذي هو أعلى الجنان، وأن الله استوى عليه استواء يليق بجلاله وعظمته، وسيد لا يعترف به، ولا يرى إلا أنه رمز الملك والسيطرة…إلخ.
أقوال السلف في المعطلين لصفات الله:
... قال البخاري في "خلق أفعال العباد"
... "وقال سعيد بن عامر: الجهمية أشر قولاً من اليهود والنصارى، قد اجتمعت اليهود والنصارى وأهل الأديان أن الله تبارك وتعالى على العرش، وقالوا هم: ليس على العرش شيء.
... وقال (يعني: علي بن المديني): احذر من المريسي وأصحابه؛ فإن كلامهم يستجلب الزندقة.
... وكان إسماعيل بن أبي أويس يسميهم زنادقة العراق".
... وقال البخاري:
... "نظرت في كلام اليهود والنصارى والمجوس، فما رأيت أضل في كفرهم منهم، وإني لأستجهل من لا يكفرهم؛ إلا من لا يعرف كفرهم".
... وقال البخاري:
... "ما أبالي صليت خلف الجهمي والرافضي أم صليت خلف اليهود والنصارى، ولا يسلم عليهم، ولا تؤكل ذبائحهم"("خلق أفعال العباد" (ص 22)).
... وأقوالهم كثيرة في هذا، ولا يتسع المقام لنقلها.
إيمان سيد قطب بالاشتراكية المادية الغالية
"بل في يد الدولة أن تنزع الملكيات والثروات جميعاً، وتعيد توزيعها على أساس جديد، ولو كانت هذه الملكيات قد قامت على الأسس التي يعترف بها الإسلام، ونمت بالوسائل التي يبررها؛ لأن دفع الضر عن المجتمع كله أو اتقاء الأضرار المتوقعة لهذا المجتمع أولى بالرعاية من حقوق الأفراد"("العدالة الاجتماعية" (ص 194)."معركة الإسلام والرأسمالية" (ص 44)، وانظر: "السلام العالمي" (ص 141 - 159).
الإسلام - عند سيد - يصوغ مزيجا من النصرانية والشيوعية
يقول سيد قطب - مع الأسف -:
( ولا بد للإسلام أن يحكم ، لأنه العقيدة الوحيدة الإيجابية الإنشائية التي تصوغ من المسيحية والشيوعية معا مزيجا كاملا يتضمن أهدافهما جميعا ويزيد عليهما التوازن والتناسق والاعتدال)( معركة الإسلام والرأسمالية" (ص 61))